صوت ديمقراطي جذري

29.8.06

العدد الثاني





يصل العدد الثاني من البوصلة إلى القراء بعد نهاية هذا الصيف السياسي الملتهب، الذي شهد حراكاً سياسياً لم تعرف له مصر نظيراً طوال ربع القرن المنصرم الذي عشنا فيه تحت حكم حسنى مبارك. بانقضاء الانتخابات الرئاسية تطوي الحركة الديمقراطية في مصر صفحة من تاريخها، يجب النظر إليها بتمعن وبأمانة من أجل البدء في عملية تقييم ونقد ذاتي للبدء في صفحة جديدة من النضال الديمقراطي. لم تنجح الحركة الديمقراطية في إزاحة النظام الاستبدادي، وبذلك ستتعرض هذه الحركة للشماتة من جانب "الواقعيين" الذين يؤكدون أن لا شيء سيتغير في مصر. ولكن هذه الشماتة لن تنجح إلا مع من حلق خياله في الفضاء فاعتقد أنه بالإمكان لمجتمع عاش نصف قرن في ظل نظام يمارس الخنق المنظم للسياسة أن يضع حد لهذا النظام في عدة شهور. لنا أن نحتفي أن العدد الأول من "البوصلة" لم يروج لهذا الوهم، لكنه نظر إلى عملية التحول الديمقراطي باعتبارها عملية طويلة ستأخذ سنوات وستشهد صراعاً محتدماً من موقع إلى موقع حتى يتحرر المجتمع من الاستبداد. وحينما نقول أن المسألة ستأخذ وقتاً فإننا لا نقصد أن الوقت في حد ذاته كفيل بتحقيق المطالب الديمقراطية. المهم ما سيتم انجازه في هذا الوقت، ما هي المهام – الفكرية والسياسية والتنظيمية - التي يجب أن ننجزها لبناء حركة ديمقراطية واسعة قادرة في النهاية على تحرير مصر من الاستبداد؟
يحاول العدد الثاني أن يتفاعل مع قضية الديمقراطية من خلال رؤية اجتماعية تفترض أن اتساع نطاق الحركة الديمقراطية يمكن أن يمر عبر التحام قضية الحرية والديمقراطية بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية. نحن نفترض إذن أن الناس عندما تتبنى المطالب الديمقراطية فإنها تفعل ذلك ليس فقط من منطلق الإيمان بها، ولكن أيضاً بفعل المصلحة فيها. هناك فئات اجتماعية لها مصلحة في التغيير السياسي، وهناك فئات أخرى لها مصلحة في بقاء الوضع الراهن. نحاول في هذه العدد فتح ملفات بعض الفئات الاجتماعية التي تشهد تحولات قد تدفع بها إلى المشاركة الحثيثة في التغيير السياسي كما نفتح ملفات معضلات لا يمكن للديمقراطية أن تتطور إلا بعد أن نتوصل إلى إجابة بصددها، مثل القضية الطائفية. لعل هذا العدد يساهم في إثارة نقاش حول أكثر الفئات الاجتماعية ذات المصلحة في التغيير السياسي.
يخرج العدد الثاني إلى النور مدينا بالعرفان لكثير من الأصدقاء والزملاء والقراء الذين استقبلوا العدد الأول للبوصلة بحرارة، واعتبروا أنها تجربة تستحق الاهتمام بالرغم من كل تحفظاتهم على عيوب في الشكل أو في المضمون ارتأوا أن المجلة ستتطور إذا ما تلافتها. نحن مدينون لهم بالكثير من الملاحظات النقدية التي تقبلناها منهم عن طيب خاطر. والحقيقة أننا حاولنا في العدد الثاني أن نستجيب لبعض ملاحظات أصدقاء وقراء المجلة. سيلاحظ القارئ أن المجلة قد تطورت من حيث الشكل، ونحن ندين بذلك للفنان حلمي التوني، الذي أعجبته تجربة المجلة فقرر أن يدعمها بتصميم غلاف جديد لها. بالإضافة لذلك استجبنا للنقد الذي وجهه البعض بافتقار العدد الأول لرؤية عن علاقة الخارج بالداخل، عن القوى الدولية المؤثرة على الوضع السياسي في مصر. هكذا فإننا نخصص مقالا في هذا العدد يتعرض لجانب من هذه القضية. وبالتأكيد ستشهد الأعداد القادمة عودة لنفس الموضوع من زوايا أخرى.
في هذا العدد حاولنا أيضاً أن ننظر خارج حدود مصر، فتعرضنا لقضية الانسحاب الإسرائيلي من غزة والتي يدافع المقال عن إمكانية البناء عليه من أجل استكمال مهام النضال الفلسطيني. وخصصنا لفلسطين مقالاً آخر ألقينا فيه الضوء على إمكانية تطور خيار ديمقراطي يتجاوز ثنائية فتح/حماس.
كما التفتنا إلى بعض معضلات الحركة الديمقراطية في إيران من خلال الصراع القانوني بين المجتمع والدولة. وختاماً يحتوى الباب الفني في هذا العدد على مقالة تتعرض لظاهرة الفيديو كليب من زاوية تأثيره على طرق ووسائل صناعة وتلقي الأغنية، كما تتعرض لدخول الجنس كطرف أساسي في هذا الشكل الفني الجديد.






No comments: