صوت ديمقراطي جذري

29.8.06

المجد للعمل



صورة وتعليق

"عايز أشتغل با كبير". هكذا طالب هؤلاء المتظاهرون رئيس جمهوريتهم. وهم لهم كل الحق فى ذلك، فالعمل حق ينص عليه دستور الجمهورية التى أقسم رئيسها على احترامه. الفكرة التى تكمن وراء اعتبار العمل حقا هو أهمية العمل. ليس فقط لإعاشة المواطن ولكن أيضا لكى تتحقق إنسانيته ذاتها. فالعمل الواعى هو مما يميز الإنسان عن الحيوان. لذلك فإن إنسانيته لا تكتمل إلا إذا قام بعمل مفيد للجماعة التى ينتمى إليها. وعلى هذا فإن المجتمعات الديمقراطية تعتبر أن حرمان مواطن من هذا الحق يوجب له تعويضا من الجماعة، أى "معونة البطالة". فهذه المعونة وإن كانت لا تحفظ له بالضرورة إنسانيته إلا أنها على الأقل تحميه من ذل السؤال. هذه المجتمعات تعترف إذن بأن البطالة ليست بالأساس خطأ العاطل، ولكنها نتاج أوضاع اقتصادية واجتماعية مركبة.
ولنا نحن أيضا أن نقول أن عاطلينا (باستثناء العاطلين بالوراثة) ليسوا بالأساس مسئولين عن بطالتهم. ولنا أن نضيف أن نسبة البطالة الفاحشة التى تسود فى مصر ترجع إلى أن الإيديولوجية السائدة لا تعترف بحق العمل، بل هى لا تحترم العمل من الأصل، وترى عمليا أنه يمكن للمجتمع المصرى أن يواصل طريقه بهذه النسبة الكبيرة من المعطلين عن ممارسة إنسانيتهم. وعدم احترام العمل يتجلى بوضوح فى أن العاملين بأجر (المنتجين الحقيقيين منهم وليس البطالة المقنعة) لا يحصلون إلا على نسبة محدودة من ثمرة عملهم، برغم أن عملهم هو خالق الثروة. وهذا ينطبق أكثر ما ينطبق على العمل اليدوى الذى امتهن المستغلون تحقيره، بالرغم من أنه يظل العمود الفقرى الذى يقوم عليه أى مجتمع.
ربما عندما يفرض العاملون بأجر احترام العمل المنتج على أصحاب العمل، ربما عندما تنتصر فكرة أن أفضلنا هو أكثرنا تفانيا فى عمله، وليس أكثرنا تدينا، ربما يكون لنا فى هذه اللحظة أن نتذكر أن العمل حق إنسانى، بموجبه يجب على المجتمع أن يجعل من توفيره للكافة هدفا أساسيا. وهو حق يستحق المواطن بموجبه أن يحصل على تعويض إذا فشل المجتمع فى أن يوفر له العمل الآدمى المناسب. وهذا التعويض ستدفعه الدولة، لأنها القائمة على شئون الجماعة. فلنطالب الدولة بتسجيل أسماء كل العاطلين، والتحقق من بطالتهم من أجل دفع تعويضات (لا إعانات) شهرية لهم. سنطالب الدولة بذلك، فخميرة هذا الطلب موجودة فى المجتمع، والدليل على ذلك موجود فى الصورة: "عايز أشتغل يا كبير". لقد تذكر بعضنا أن العمل حق، وهو يعرف جيدا أن "الكبير" لن يقدم له وظيفة، بل هو عاجز عن ذلك حتى ولو أراد. ولكن الإلحاح فى المطالبة بالحق، حتى لو فشل فى إجبار الظالم على الاستجابة، فإنه على الأقل سيحمى الإنسان من نسيان حقوقه الأساسية.







1 comment:

Anonymous said...

شاهد أي مكان على الأرض بالقمر الصناعي