صوت ديمقراطي جذري

1.6.06

هل تتجه الطبقة الوسطي إلي تعددية المراكز


النقابات المهنية بين المركز الواحد و المراكز المتعددة

زياد العليمي


لا يمكن الحديث عن تطور ديمقراطي في المجتمع المصري أو تحديثه بدون تناول الدور الذي يمكن أن تقوم به منظمات غير حكومية تمارس نشاطاً يعلي من قيم المبادرة والعمل الجماعي، سواء كان هذا النشاط يسعى لتحمل مسئولية أكبر في إدارة شئون فئات بعينها من المجتمع كي يصبح جزء كبير من هذا المجتمع مدار ذاتياً ، أو يستهدف ممارسة الضغوط على السلطة لتحقيق مصالح بعينها لهذه الفئات.
كما لا يمكن الحديث عن دور للمجتمع المدني بدون تفعيل مؤسساته الرئيسية مثل الجمعيات الأهلية والنقابات العمالية والمهنية وشركات الأعمال والغرف التجارية والصناعية، و غيرها من المؤسسات التي يجمعها الاستقلال عن الإشراف المباشر للدولة، ويميزها إلى جانب هذا الاستقلال تنظيمها التلقائي وروح المبادرة الفردية والجماعية، والعمل التطوعي، و الإعلاء من قيم مجتمع التضامن عبر شبكة واسعة من هذه المؤسسات.

فمنذ ما يزيد على العامين والقوى الديمقراطية واليسارية تخوض معركة التغيير الديمقراطي في مصر و هنا تزداد أهمية المجتمع المدني لما يمكن أن تقوم به مؤسساته من دور في تفعيل مشاركة عدد أكبر من المواطنين في تقرير مصائرهم والتفاعل مع السياسات التي تؤثر في معيشتهم سواء بمواجهة تلك السياسات التي تنال من حرياتهم وأوضاعهم الاجتماعية أو الدفع بسلسلة أخرى من السياسات التي يمكن أن تؤثر إيجاباً على حياتهم، وهذا التفعيل هو الضمانة الوحيدة كي لا تكون الحكومة المصرية والمؤسسات الأمنية هما الطرفان الوحيدان الفاعلان في عملية التغيير الديمقراطي وما يتبع ذلك من محاولات هذه الحكومة وتلك المؤسسات لتفريغ التغيير المنشود من محتواه .
و بالنظر للدور الذي ينبغي أن تقوم به القوى التقدمية في هذا التوقيت نجد أنه صار لزاما عليها العمل من أجل تفعيل هذه المؤسسات والاهتمام بالمنظمات ذات القدرة العالية على الحشد ـ مثل النقابات المهنية والعمالية والمنظمات الفلاحية والتعاونيات واتحادات الطلاب والمنظمات الحرفية ـ والاستفادة من إمكانياتها البشرية في دعم المطالب الديمقراطية والاجتماعية لهذه الفئات كي تتحول هذه المنظمات لحركات اجتماعية ذات جذور شعبية.

التنظيم الأكبر للطبقة الوسطى :

هنا تظهر النقابات المهنية باعتبارها أكبر شكل تنظيمي يضم المتعلمين من أبناء الفئات الوسطى في المجتمع ، فهي تضم حوالي أربعة ملايين عضو في 23 نقابة مهنية . وأصبح المحامون المصريون هم رواد النقابات المهنية في مصر عندما أنشئوا منظمة المحامين أمام المحاكم المختلطة عام 1876 ، ثم نقابة المحامين عام 1912 ، فنقابة المحامين الشرعيين 1916 وما لبث أن تبعهم باقي المهنيين المصريين فأنشئوا نقابة الأطباء 1940 ، و تلاهم الصحفيين 1941، ونقابة المهن الهندسية عام 1946، ثم أطباء الأسنان والصيادلة والأطباء البيطريين في 1949، فالمعلمين عام 1951 .

و بعد إلغاء المحاكم الشرعية ألغيت نقابة المحامين الشرعيين عام 1955 ، و في ذات العام أنشأت خمس نقابات مهنية أخرى هي نقابة المهن التمثيلية ، والمهن السينمائية، والمهن الموسيقية، ونقابة المحاسبين والمراجعين، وبعد تسع سنوات أنشأت نقابة المهن العلمية.
ومع مطلع السبعينيات في عام 1973 أنشأت نقابة المهن الاجتماعية ، و نقابة المهن التطبيقية 1974، فالفنانين التشكيليين ونقابة الفنون التطبيقية و نقابة مهنة التمريض عام 1976. وفي بداية الثمانينيات و بالتحديد عام 1983 تأسست نقابة المرشدين السياحيين، ثم نقابة الرياضيون 1987. وفى التسعينيات ظهرت نقابة مستخلصي الجمارك 1993، و نقابة العلاج الطبيعي 1994.

السيطرة على هذا التنظيم :

و يبدوا أن السلطات المصرية وعت أهمية هذه المؤسسات التي تعتبر أكبر شكل تنظيمي لأبناء الطبقة الوسطى ، فسعت السلطة في مصر الناصرية لإعطاء النقابات المهنية بعض السلطات في مقابل دمجها في التنظيم السياسي للدولة واعتبارها أحد أجنحتها الشعبية، فاشترطت فيمن يرشح نفسه لعضوية مجالس النقابات أن يكون عضواً عاملاً في الاتحاد القومي، و من بعده الاتحاد الاشتراكي، و كان لا بد من القضاء على فكرة التعددية النقابية حتى تتمكن السلطة السياسية من الهيمنة على هذه النقابات.
و في عام 1977 و مع بداية التجربة الحزبية في مصر تم إلغاء المواد التي تشترط أن يكون المرشح لمجلس إدارة النقابات المهنية عضواً بالاتحاد الاشتراكي، و لكن تم الإبقاء على القيود التي تجعل إنشاء النقابات درباً من دروب المستحيل، إلا إذا كانت برغبة حكومية حيث أبقوا على أن يتم إنشاء النقابات المهنية بقانون.
و منذ هذه اللحظة والسلطات المصرية تحاول تأميم العمل النقابي وتحويل هذه النقابات إلى مؤسسات شبه حكومية تسيطر من خلالها على أبناء المهنة الواحدة، إلى أن شهدت نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات نجاح الإسلاميين في السيطرة على مجالس أكبر النقابات المهنية في مصر ومحاولة تأميمها لصالح التنظيمات الإسلامية، وخاصة الإخوان المسلمون، فكانت النقابات المهنية بالنسبة لهم الحزب الذي حرموا منه و شبكات المصالح التي يربطون بها أعضاء التنظيم ويزيدون بها عدد المتعاطفين معه، فنجحوا في أن يجعلوا النقابات المهنية بالنسبة لأعضائها مجرد مشروع علاج مخفض وعمرة ومعرض سلع معمرة و مصيف مقابل اشتراك يدفع سنوياً، وانصرفوا بالمهنيين المصريين عن تطوير المهنة والدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية ، وساعدهم على ذلك رغبة المهنيين المصريين في الخلاص من سنوات طويلة من فساد ممثلي الحكومة في مجالس هذه النقابات.
فما كان من السلطة المصرية إلا أن حاولت السيطرة مرة أخرى على هذه النقابات فأصدرت القانون 100 لسنة 1993، و الذي نص في مادته الثانية على ضرورة تصويت نصف عدد أعضاء الجمعية العمومية المقيدة أسماؤهم بجداول النقابة ممن لهم حق التصويت لصحة انتخاب النقيب وأعضاء المجلس ، وإذا لم يكتمل النصاب تعاد الانتخابات ويكون الحد الأدنى لصحة الانتخاب تصويت ثلث الأعضاء وإذا لم يتوافر هذا النصاب يتم تعيين لجنة لإدارة النقابة بإشراف قضائي، فكانت النتيجة المباشرة لهذا القانون تجميد الانتخابات في أكبر عشر نقابات مهنية وهي الأطباء ، المهندسين ، أطباء الأسنان ، الصيادلة ، الزراعيين ، التطبيقيين ، المعلمين ، الرياضيين ، التجاريين ، وأخيرًا المحامين الذين نجحوا في فض الحراسة عن نقابتهم العامة بينما لم يستطيعوا إنهائها في العديد من النقابات الفرعية حتى الآن.

سلطة أخرى و ليست جماعة ضغط :

و بالنظر للمشكلات التي تعوق عمل هذه المؤسسات نجد أن هناك أزمة هيكلية تقف صداً منيعاً بين النقابات المهنية و الدور المنوط بها القيام به ، فالقوانين المنشئة لمعظم النقابات المهنية المصرية جعلت من تنظيم أوضاع المهنة و إعطاء أعضائها رخصة لمزاولتها المهمة الرئيسية لهذه النقابات ، و بهذا تضمن السلطة أن يقف دور النقابات عند هذا الحد دون أن يمتد هذا الدور إلى الدفاع عن المطالب الاقتصادية و الاجتماعية لأعضاء النقابة ، و ما يمكن أن يقتضيه هذا من مطالب و ضغوط على الدولة في بعض الأحيان .
فأصبحت النقابات المهنية في مصر تمارس دور سلطوي جعلها تعلي من شأن دورها المتعلق بتنظيم أوضاع المهنة على حساب الدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها و الارتقاء بالأداء المهني لأعضائها ، وأصبحت هذه النقابات سلطة فوق أعضائها يتقيدون بقوانينها التي لم يضعوها بأنفسهم و تقرر الشروط الواجبة لممارسة المهنة و طرق الترقي المهني و ليست شكل تنظيمي يضم أبناء المهنة الواحدة للدفاع عن مصالحهم و العمل على تطويرها بالشكل الذي يرونه.
كما أن الربط بين عضوية معظم النقابات المهنية و مزاولة المهنة جعل انضمام أعضاء النقابة لها انضماماً قسرياً ، فجميع خريجي كلية الحقوق مطالبون بالانضمام لنقابة المحامين ليصبحوا محامين و كذلك جميع خريجي كلية الطب يجب عليهم الانضمام لنقابة الأطباء ليصرح لهم بممارسة مهنة الطب و غيرها من النقابات التي تربط بين العضوية و مزاولة المهنة ، و هذا الانضمام القسري جعل أعضاء النقابة يرون عضويتهم بالنقابة الضمانة الوحيدة لممارستهم العمل ، فلم يعد هناك من يرى أن انضمامه للنقابة يعني الانضمام لجماعة مهنية تدافع عن مصالحه و تضغط من أجلها ، و بالتالي فدوره يقتصر على الانضمام لهذه النقابة دون أن يكون له أي يد قي صياغة برامجها و تغييرها و العمل من أجل أن تكون منبراً يعبر عنه و عن أبناء مهنته الذين يمارسون الضغوط سوياً من أجل الحصول على مكاسب اقتصادية و اجتماعية لهم .

مصالح متناقضة :

يضاف إلى ذلك أن كون النقابات المهنية هي التي ترخص لممارسة المهنة يجعل منها المنظمة التي تجمع جميع أبناء هذه المهنة حيث يكون عليها صياغة برنامج موحد لهذي المصالح المتعارضة ، فمصالح مرتضى منصور المحامي تتعارض مع مصالح صغار المحامين الذين يعملون بمكتبه و مصالح المهندس أحمد محرم تتعارض مع مصالح صغار المهندسين الذين يعملون بشركة محرم و باخوم كما أن مصالح الدكتور حسام بدراوي تتعارض مع مصالح صغار الأطباء و كذا بالنسبة لمصالح حازم حسن و المحاسبين العاملين بمؤسسته ، و يقاس على ذلك وضع باقي المهنيين .
هذا الوضع جعل من صياغة برنامج اقتصادي و اجتماعي مطلبي لأعضاء أي نقابة درب من دروب المستحيل ، و أصبح على من يحاول التصدي لبرنامج اقتصادي و اجتماعي نقابي أن يختار بين الضحايا ، فإما أن يطالب برفع أجور صغار المهنيين و يضحي بمصالح كبارهم و إما أن يطالب بدعم المؤسسات المهنية الكبيرة فيكسب أصحابها و يضحي بأبناء المهنة العاملين فيها .
كل هذا جعل الدور الذي يجب أن تقوم به النقابات المهنية باعتبارها جماعة ضغط تدافع عن مصالح أعضائها يتآكل لصالح بعض الأدوار الخدمية مثل مشروع العلاج و المصيف المدعم و غيرها من المشاريع الخدمية التي لا يكون من شأنها إثارة الكثير من التناقضات بين المصالح المختلفة ، و جعل النقابيين المصريين إما أن يبعدوا عن أي اهتمام بالجانب الاقتصادي و الاجتماعي حتى و لو كان خدمي في الأساس مثل زيادة الدمغات لصالح زيادة المعاش أو أن يتبنوا خطابات ديماجوجية مستحيلة التحقيق لأنها ببساطة تتصدى للدفاع عن مصالح متعارضة .
كل هذا جعل النقابات المهنية مقيدة و عاجزة ، لا تستطيع أن تعبر عن مصالح كافة أعضائها لأنها في الأساس مصالح متعارضة كما أنها لا تستطيع أن تُفعِّل الأداء المهني لأعضائها و تدعمه لأنها مطالبة بإعطاء الاهتمام الأكبر لتنظيم أوضاع المهنة .

الطريق للتعددية النقابية :

كل هذه العوائق الموضوعة في طريق تنمية و حفز طاقات النقابات المهنية جعلنا نؤمن بأن أى برنامج ديمقراطى يفترض أن ينطلق من مطلب تعدد المراكز النقابية كحل للخروج من أزمة النقابات المهنية في مصر ، و كطريق وحيد لتفعيل عضوية هذه النقابات و حشدها في دعم المطالب الديمقراطية والاجتماعية لهذه الفئات ، فتصبح النقابات المهنية المصرية معبر حقيقي عن مصالح اجتماعية لأعضائها و تتحول من منظمات شبه حكومية تنظم أوضاع بعض المهنيين و تشرف على تنفيذ القانون ـ الذي وضعته الحكومة لتنظيم هذه المهنة ـ إلى منظمات ( أو حركات ) اجتماعية ذات جذور شعبية لها مطالب معينة و تمارس ضغوطها بأشكال مختلفة لتحقيق هذه المطالب .
و يدعم فكرة التعددية النقابية أنه مادام هناك مصالح متضاربة لأبناء المهنة الواحده فلا بد من وجود أكثر من شكل تنظيمي يعبر عن هذه المصالح ، و من ثم يمكن أن تنشأ نقابة للمحاميين أصحاب الشركات القانونية الدولية تدافع عن مصالحهم في منع شركات المحاماة الأجنبية في العمل داخل مصر و لا تهتم بأوضاع المحاميين العاملين بها و أخرى لشباب المحامين تدافع عن مصالحهم في أن يكون هناك حد أدنى للأجور و يكون همها الأول وضع عقود عمل نموذجية و الضغط على أصحاب العمل ليلتزموا بهذه العقود ، و كذا نقابة للمهندسين أصحاب المكاتب الاستشارية الكبرى التي تحاول الضغط على الحكومة لكي تقصر مناقصاتها على المكاتب الاستشارية المصرية ، و أخرى لشباب المهندسين تعمل من أجل تنميتهم مهنياً و دعم إقامة مشاريع تعاونية يتم توظيفهم فيها ، و بذلك يمكن أن يصبح الدور الرئيسي للنقابات المهنية هو الدفاع عن مصالح أعضائها ، و يصبح من حق كل مهني أن يختار النقابة التي تدافع عن مصالحه لينضم إليها .
كما أنه يجب استلهام الخبرات الموجودة في أنحاء العالم فيما يتعلق بالفصل بين هذا الدور الذي يجب أن تقوم به النقابات و بين تنظيم أوضاع المهنة و الترخيص بمزاولتها ، فيمكن أن تشترك كل النقابات العاملة في مهنة واحدة في صياغة الشروط العامة الواجب توافرها فيمن يمارس هذه المهنة و يتم تضمين هذه الشروط في اللائحة المنظمة لكل نقابة تضم من يعملون بهذه المهنة ، كما يتم تنظيم أوضاع المهنة الواحدة بإنشاء هيكل يضم مندوبين عن كل نقابة للاتفاق على ميثاق شرف لهذه المهنة ينظم أوضاعها .
و لتصبح الدعوة لفكرة التعددية النقابية ممكنة داخل النقابات المهنية المصرية يجب على القوى التقدمية استكمال الدور المطلوب منها داخل النقابات المهنية الحالية ، فعلى هذه القوى أن تسعى للتنسيق بين النقابات المهنية المختلفة و ممارسة الضغوط من أجل تحرير هذا القطاع من قطاعات المجتمع المدنى ، والتصدى على الأخص لمنطق وفكرة "إنشاء النقابات بموجب قانون "، حيث يكتفى لتنظيم هذه النقابات باللوائح التى يضعها أعضاء النقابة بأنفسهم ، والذين يكون بوسعهم تغييرها أو تعديلها كلما دعت الحاجة إلى ذلك ، لينتقل المهنيون المصريون من موقع المفعول به الذي يخضع لقواعد تنظيم مهنته دون أن يكون طرفاً فى مناقشة هذه القواعد وتطويرها .. إلى موقع الفاعل الذي يشارك فى تطوير مهنته و يستطيع الدفاع عن مصالحه من خلال الأدوات التنظيمية الملائمة.
كما يمكن للقوى الديمقراطية أن تسعى لبناء وتطوير أشكال حركية وأدوات تنظيمية مختلفة داخل النقابات المهنية ، تتبنى برامج اقتصادية و اجتماعية مختلفة وفقاً لمصالح الشرائح والفئات الاجتماعية التى تعبر عنها ، حيث يمكن لهذه البؤر التنظيمية المتعددة أن تعمل بمثابة جماعات ضغط ، وجماعات المصالح المتمايزة داخل النقابة الواحدة.
ربما يكون فى ذلك سبيلاً لتفجير الطاقات المختلفة وتطويرها .. وهو إلى ذلك أيضاً يمكن أن يساهم فى جذب أعداد أوسع من المهنيين إلى ساحة العمل النقابى ، ودفع الحيوية فى شرايين هذه النقابات على النحو الذى يساهم فى انتزاعها درجة أعلى من الاستقلالية ، والديمقراطية.
إن تطوير النقابات المهنية وحفزها من أجل أن تصبح حركات اجتماعية شعبية مستقلة وضاغطة من شأنه أن يدعم حركة المجتمع المصري من أجل تحقيق الديمقراطية ، على الأخص وأننا نتحدث عن أربعة مليون مهنى مصرى من حقهم أن يجدوا المساحة الكافية للتعبير عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية ، بعيداً عن السيطرة ، والمنطق الشمولى.



No comments: